محمود خالد النجار المدير العام للموقع
أوسمة العضو عدد المساهمات : 1152 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 11/11/2003 تاريخ التسجيل : 01/08/2009 العمر : 20 الموقع : مصر أم الدنيا العمل/الترفيه : طالب
| موضوع: التعليم في الصين أساس نهضتها الأحد أبريل 11, 2010 1:55 pm | |
| التعليم في الصين أساس نهضتها. . (215) مليون طالب فقط !!
تحطّمت عزلة الصين بحرب الأفيون (1840 - 1842) التي شنها الغرب عليها، مما اضطرها لفتح أبوابها الكبرى العتيقة، وأجبرها على أن تطأ قدماها طريق التحديث الشاق، والتخلي عن مناهج التعليم القديمة التي كانت تسمى بـ"النقد النصي"؛ لأن هذا النوع من التعليم لم يكن كافياً لمعالجة المواقف السياسية والاجتماعية المضطربة، فظهرت مجموعة من طبقة المثقفين الإقطاعيين الذين تحلّوا بالجرأة والجسارة، وأعربوا عن استيائهم إزاء التعليم الكلاسيكي التقليدي الذي يتسم بضيق الأفق والرؤية غير الواقعية. وأدركت الصين بعد حرب الأفيون أهمية العلوم الأجنبية وتعلمها والاقتباس منها لدفع العدوان الاستعماري وصيانة البلاد واستقلالها حتى تظل قوية، فكانت أول دفعة سافرت إلى أمريكا مكونة من ثلاثين طالباً في عام 1872م، كما استقبلت كل من إنجلترا وألمانيا واليابان عدداً كبيراً من الطلاب الصينيين، وشملت الثقافة التي تلقوها في الجامعات الغربية العلوم الإنسانية والطبيعية الجديدة. كما تم إنشاء مدرسة تنج وين كيوان كأول مدرسة للغات الغربية في بكين عام 1862 وتبعها إنشاء دائرة الترجمة في شنغهاي عام 1865 لترجمة الثقافة الغربية، وخطت الصين نحو الغرب خطوات واسعة بإنشائها في عام 1893 أول مدرسة حديثة في ووهان ضمت أقسام الرياضة والعلوم الطبيعية والتجارة. وشهدت الصين بعد حرب الأفيون بسنوات ترجمات صينية عن الغرب في الرياضيات والميكانيكا والكهرباء والكيمياء والصوت والضوء والفلك والجغرافيا وعلم الحيوان والنبات والطب. وكانت البداية الحديثة للاهتمام بالتعليم في عام 1949، وهو ما واكب اندلاع الثورة الصينية وقيام دولة الصين الحديثة، فقد أرادت الحكومة وقتها إصلاح النظام التعليمي، فلم يكن الكثيرون من أفراد الشعب الصيني يحصلون على قسط وافٍ من التعليم، بل كان مقصوراً على فئة بعينها من أبناء الأسر الإقطاعية دون غيرهم من عامة الشعب. وكان الهدف الأساسي لإصلاح النظام التعليمي هو توفير قوى عاملة مدربة ماهرة تفي بحاجات الأهداف التنموية للشعب الصيني. وفي المؤتمر الشعبي الثاني الذي عُقد في إبريل 1960 نادى لوتينج نائب رئيس الوزراء في تلك الفترة بتبني سياسة إصلاح تعليمية حقيقية تضع في اعتبارها الاستفادة من التكنولوجيا التعليمية، وفي المؤتمر نفسه دعا وزير التعليم هسيو فينج إلى إيجاد أنواع متعددة من الدراسة: مثل الدراسة الليلية، والدراسة بالمراسلة أو من خلال برامج الراديو والتلفزيون، بالإضافة إلى قيام وزارة التعليم في هذه الفترة بالتوسع في إنشاء المعامل المدرسية وإنتاج الأفلام التعليمية وتوفير الأجهزة اللازمة لتطبيق التكنولوجيا الحديثة بالمدارس، وأُطلق على هذه العملية التعليمية اسم "التعليم عبر الوسائط الإليكترونية". ومع بداية الثمانينيات أصبح النظام التعليمي من أهم العوامل التي تؤثر بالإيجاب على التنمية الاقتصادية إذا أحسن استغلاله، وهو ما أكدته القيادة الصينية من خلال قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في عام 1985 بجعل التعليم الأساسي إلزامياً، وهو القرار الذي أقره البرلمان الصيني عام 1986، كما نص القرار نفسه على تغيير المناهج التعليمية وطرائق التدريس، وواكب الإجراءات الإصلاحية في النظام التعليمي تعاظم استخدام أجهزة الكمبيوتر في التعليم، كما تم إنشاء وحدات تعليم سمعية وبصرية في حوالي 62% من المقاطعات الصينية، ومراكز إعلامية في 83% من إجمالي المؤسسات التعليمية. وتم إنشاء مؤسسات تعليمية لإعداد المعلمين بهدف تدريبهم على استخدام التكنولوجيا الحديثة وتمرينهم على طرائق التدريس الحديثة. وشملت سياسة الإصلاح التعليمي المناطق الريفية خصوصاً وأن حوالي 82% من سكان الصين يسكنون المناطق الريفية.
التعليم العام
وطبقاً لإحصاءات عام 1997م فإن عدد الطلاب في كل المراحل المدرسية بلغ (215.35) مليون طالب بزيادة 8.4% في عام 1949، حيث كانت تبلغ نسبة الأمية بين أفراد الشعب الصيني 80%، بينما يشكل عدد طلاب المدارس الآن 98.9% من إجمالي عدد الأطفال في الصين ويبلغ عدد المدارس (729) ألف مدرسة.
التعليم العالي
في الماضي القريب كانت مؤسسات التعليم العالي التي يبلغ عددها (1064) مؤسسة تخضع لإشراف الحكومة (اللجنة التعليمية الحكومية) بالإضافة إلى بعض الوزارات والحكومات المحلية، هذا النظام أتى بنتائج إيجابية إلا أنه أدّى إلى ظهور نواحي قصور كثيرة؛ لأن الحكومة عليها أن تقوم بتمويل هذه المؤسسات التعليمية ذات العدد الهائل، ودائماً تجد نفسها عاجزة عن توفير المخصصات المالية المطلوبة، كما أن المؤسسات الأهلية لا تقدم مساهمات مالية كافية لسد عجز الحكومة المالي تجاه المؤسسات التعليمية، وهو ما أدّى إلى عدم الوفاء -في النهاية- بتوفير حياة كريمة لكثير من المدرسين، مما جعلهم يفكرون جدياً في العمل بمهنة أخرى تدر عليهم عائداً أكبر. ولأن التعليم العالي كان يدار بوساطة الحكومة وفي عزلة عن التنمية الاقتصادية التي يتجه إليها المجتمع فقد جاءت كل إنجازات البحث العلمي بالمؤسسات العلمية غير مطابقة لاحتياجات المجتمع الصيني، وهو الأمر الذي جعل من المستحيل أن تتحول الإنجازات العملية إلى منتج يقبل عليه المستهلك. لذا رأت اللجنة التعليمية أن أفضل حل لهذه الأزمة هو أن تخفف الدولة من قبضتها على المؤسسات التعليمية، وأن تشرف على هذه المؤسسات عن بُعد، تاركة للمؤسسات التعليمية حق الإدارة الذاتية، وأن تسعى المؤسسات التعليمية إلى الحصول على الدعم المالي المطلوب من المجتمع نفسه، وبذلك أصبح علي الجامعات أن تتخذ القرارات التي تراها ملائمة لظروفها بما يحقق لها في النهاية أهدافها. ومنذ عام 1994 وحتى الآن تقوم لجنة التعليم بتنفيذ «خطة إصلاح المضامين الدراسية للقرن الحادي والعشرين» وهي خطة يندرج تحتها ما يتراوح بين (60 -70) مشروعاً، وتسمح الآن الجامعات لطلابها باختيار المواد والتخصصات التي يرغبون في دراستها وهو مخالف لما كان يحدث من قبل. ومؤسسات التعليم العالي في الصين تتكون من الجامعات والمعاهد والكليات وتتراوح مدة الدراسة فيها بين (4 – 5) أعوام في تخصصات معينة، ومدة الدراسة بالكليات الخاصة بالتدريب المهني ثلاث سنوات، وبعضها تستمر الدراسة بها مدة عامين. وتم إنشاء برنامج تعليمي يتم بمقتضاه منح الدارسين درجة الماجستير والدكتوراه، ولهؤلاء الذين يرغبون في تحسين أوضاعهم الوظيفية والاجتماعية يوفر النظام التعليمي الصيني لهم نظام تعليم الكبار.
تعليم المرأة في الصين
مع بداية الثورة الصينية في عام 1949 كانت نسبة الفتيات اللاتي التحقن بالتعليم لا تزيد على 20% من إجمالي الفتيات اللاتي في سن التعليم، ومنذ ذلك الحين أصبح محو أمية المرأة الصينية هدفاً قومياً يسعى الجميع إلى الوصول إليه، هذا بالإضافة إلى العمل على زيادة نسبة التحاق الفتيات بالتعليم والاستمرار في التعليم لأطول فترة ممكنة، وزيادة نسبة الفتيات في التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، وتكاتفت جهود الإدارات التعليمية والحكومة ومنظمات المرأة لتحقيق كل هذه الأهداف. وبالفعل آتت هذه الجهود ثمارها، فبحلول عام 1994 بلغ عدد اللاتي تم محو أميتهن (110) ملايين امرأة، وفي عام 1993 بلغت نسبة التحاق الفتيات بالتعليم 97.7% ، وفي التعليم العالي 34.5%، وبلغ في عام 1993 عدد الفتيات اللاتي حصلن على درجة الدكتوراه (1149) فتاة ممثلات بذلك نسبة 9.4% من إجمالي الحاصلين على درجة الدكتوراه. وحصلت (6600) طالبة دراسات عليا على درجة الماجستير أي حوالي 26% من طلبة الماجستير. بينما حصلت (300) سيدة على درجة الدكتوراه، وهو ما يوازي 11% من عدد الحاصلين علي الدكتواره.
تعليم المغتربين
لم تنس الصين أبناءها المغتربين فيما وراء البحار، ففي عام 1960 أنشأت الصين جامعة المغتربين الصينيين لاستكمال دراساتهم العليا في أرض الوطن. ويتكون مجلس إدارة الجامعة من عدد من كبار الشخصيات الصينية التي تعيش بالخارج، وتقع الجامعة على (770) ألف متر مربع، وتم تشييد مباني الجامعة على (320) ألف متر مربع بفضل تبرعات المغتربين الصينيين. تقوم الجامعة بتغيير طرائق التدريس باستمرار متمسكة بالسياسة التعليمية المتمثلة في (خدمة أبناء الصين وراء البحار وفي مناطق هونج كونج وماكاو وتايوان والمناطق الاقتصادية الخاصة) بهدف مواجهة متطلبات التطور الاقتصادي في الصين. تضم الجامعة (16) كلية من بينها كلية الهندسة المدنية، والهندسة المعمارية، واللغة والآداب الصينية واللغات الأجنبية، كما تضم الجامعة (27) هيئة للبحوث العلمية و (17) اختصاصاً لدرجة الماجستير.
اللغة الصينية .. إلى العالمية
الاهتمام بنشر اللغة الصينية أدى إلى إنشاء مدرسة خاصة يتعلم فيها صغار الطلاب الوافدين اللغة الصينية وسُمّيت بالمدرسة رقم (55) المتوسطة ببكين، وهي مدرسة تأسست في عام 1954، وبدأت قبول أولاد العاملين في السفارات الأجنبية والهيئات التجارية الأجنبية عام 1975، وأُسس قسم الطلاب الدولي عام 1989، وأصبحت مدرسة لمنظمة الدبلوم الدولية عام 1994. واللغة الصينية هي لغة التعلم في قسم الطلاب الدولي، وهي تحتوى على دروس اللغة الإنجليزية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والتاريخ والجغرافيا، بالإضافة إلى تعلم الخط الصيني وصنع الفخارات ومهارات صينية أخرى. ومع بداية دخول المدرسة تُتعلم الأبجدية الصينية الصوتية، وخلال سنتين يتعلم الطالب الكتابة والحديث بالصينية.
اللغة العربية.. هل تنافس هناك؟
يشجع القائمون على التعليم تعلم الصينيين للغات الأجنبية، ومن بين أهم اللغات التي يقبل الطلبة الصينيون على تعلمها اللغة العربية حيث يتميز الصينيون بأنهم أكثر من يتقن التحدث والكتابة باللغة العربية الفصحى مقارنة بالجنسيات الأخرى. دخلت اللغــة العربــيـــة بــلاد الصين في عصر الخلفاء الراشدين عبر البر من خلال طريق الحرير، وعبر البحر من خلال طريق التوابل والبخور، وانتشرت اللغة العربية في الصين مع نشاطات التبادل التجاري بين الصين والبلاد العربية، ولكن اقتصر تعليم اللغة العربية حينذاك على المساجد والخدمات الدينية فقط. وبدأ تدريس اللغة العربية في الجامعات والمعاهد العليا في الأربعينيات من هذا القرن على يد مستعربي الجيل الأولي من الصينيين. وتطوّرت الدراسات العربية بسرعة مذهلة فبلغ عدد أساتذة اللغة العربية وباحثيها على المستوي الجامعي (120)، منهم عشرون أستاذاً، وأربعون أستاذاً مساعداً، وستون مدرساً ومعيداً. وتُمنح درجات الماجستير والدكتوراه في اللغة العربية للطلاب الصينيين، وبلغ عدد الذين حصلوا على درجة الماجستير والدكتوراه في اللغة العربية والأدب العربي والتاريخ والثقافة العربية (31) دارساً ودارسة. كما تم تأسيس مجمع للغة العربية في 15 أكتوبر 1984، وهو يضم جميع المدرسين والمستعربين الصينيين، ويهدف إلى تطوير نشاطات تعليم اللغة العربية في الصين ورفع مستوى الاستعراب في الصين، وأقام المجمع منذ إنشائه ندوات علمية كثيرة تناقش طرائق تدريس اللغة العربية لأبناء الصين وإعداد المناهج واستخدام الوسائل التعليمية الحديثة، وعلى الرغم من أن تعليم اللغة العربية على المستوى الجامعي بدأ منذ أكثر من نصف قرن إلا أن المواد الدراسية ليست موحدة، والسعي لتوحيد المواد الدراسية يحتاج إلى دراسة مكثفة ذات جوانب متعددة لإلقاء الضوء على خصائص اللغة العربية والصينية كل على حدة بناء على مبادئ علم اللسانيات.
وأُنشئ في عام 1993 صندوق تشجيع مدرسي اللغة العربية ودارسيها، كما تم إنشاء لجنة مشتركة لتنسيق حقوق الطبع والتأليف والنشر. في عام 1992 انضمت الصين إلى اتفاقية حقوق الطبع والتأليف والنشر، وبموجب هذه الاتفاقية لم يعد يحق لدارسي اللغة العربية والثقافة العربية أن يتصرفوا بحرية مطلقة في الترجمة والاقتباس. ومن العوامل التي دعمت تعلم اللغة العربية في السابق ما سُمّي بالتعليم المسجدي الصيني القديم الذي كان يشتمل على تعلم النحو والبلاغة والمنطق، والتي تعدّ أدوات لتعميق دراسة اللغة العربية. هذا بالإضافة إلى التوحيد والفقه والحديث والفلسفة الإسلامية والقرآن الكريم والتفسير. ولم تكن هناك مناهج تدريسية موحدة في أرجاء الصين، فلكل منطقة وكل مذهب مناهج خاصة، ومع ذلك يوجد ثلاثة عشر كتاباً كان لابد من استخدامها في التعليم المسجدي بين المسلمين الصينيين، وسماها المسلمون الصينيون الكتب الدينية الثلاثة عشر، ويعود تاريخها إلى نحو خمسمائة عام. وهذه الكتب الثلاثة عشر، ترشد المسلمين في دراستهم للغة العربية والثقافة الإسلامية والعلوم الدينية الإسلامية حتى وقتنا هذا.
الإسلام اليوم 24/09/2008
0 | |
|